عقدت اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه، يوم الثلاثاء 15 فبراير 2022 بالمعهد العالي للقضاء بتيكنوبوليس، اجتماعا رفيع المستوى بحضور أعضائها ومسؤولين عن الشركاء الدوليين من الاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة والمنظمة الدولية للهجرة وبعض ممثلين عن برلمان الطفل لتقديم التقرير السنوي الأول للجنة الوطنية.
وعبر السيد وزير العدل بصفته رئيسا للجنة الوطنية في كلمة افتتاحية ألقاها بهذه المناسبة، عن الأهمية التي يكتسيها الموضوع على المستويين الوطني والدولي. وكذا رغبته في جعل اللجنة الوطنية نموذجا مثاليا للتنسيق بين القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية وجمعيات المجتمع المدني في تقديم الخدمات النوعية لفئة هشة بالمجتمع وفق التخصص المنوط بكل فاعل على حدة في محاربة جريمة الاتجار بالبشر والبحث عن سبل للوقاية منها تنفيذا لمقتضيات الفصل الأول من الباب الأول الذي يروم فصل السلط وتوازنها وتعاونها.
ومن خلال المهام التي أنيطت باللجنة والقطاعات والمؤسسات والهيئات المنتسبين لها، يمكن استخلاص إشارات المشرع المغربي في طريقة مكافحة هذا النوع الخطير من الجرائم بوصفه ثالث جريمة منظمة بعد تجارة الأسلحة والمخدرات من حيث الانتشار وتحقيق عائدات مالية كبيرة. وكون المغرب اختار مكافحة جريمة الاتجار بالبشر كمنظور شامل ومختلف عن مجموعة من الدول التي سبقته في محاربة والتصدي لهذا النوع من الجرائم، فاختياره يروم اعتماد مقاربة شمولية حداثية ذات محاور أربع هي: الوقاية والحماية والملاحقة والشراكة.
كما أن التشخيص الذي أعدته اللجنة الوطنية، قدمه السيد مدير الشؤون الجنائية والعفو، هشام ملاطي، كشف عن العديد من الإشكاليات التي تعترض التنزيل السليم للقانون وفقا لغاية المشرع المغربي إضافة إلى الصعوبات على مستوى التطبيق. وقد خلص التشخيص إلى مجموعة من التوصيات التي تم اقتراحها من طرف الممارسين في الميدان من قبيل:
• ضرورة التملك المشترك لمقتضيات القانون 27-14 لمكافحة الاتجار بالبشر وفق رؤية وطنية موحدة حسب الاختصاصات الموكولة لكل فاعل على حدة وتفعيلا لمبدأ تكامل الخدمات المقدمة لضحايا الاتجار بالبشر والوقاية منه؛
• إعداد واعتماد حقيبة للتكوين والتكوين المستمر من طرف اللجنة تعمم على كافة الفاعلين في المجال؛
• تكوين مكونين في مجال مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه بكل قطاع حكومي ومؤسسة عمومية داخل اللجنة بالإضافة إلى بعض المؤسسات أو القطاعات الغير ممثلة داخلها والتي يمكن أن يكون لها دور إيجابي في الوقاية من الاتجار بالبشر ومكافحته على أن يكلف المكونون من تكوين زملائهم وفق رؤية وطنية موحدة؛
• ضرورة التحسيس ورفع الوعي العمومي بخطورة جريمة الاتجار بالبشر وكيفية الوقاية منه والتبليغ عنه في حال تم الاشتباه في قيامه من خلال وصلات تعريفية ومطويات ودلائل إرشادية؛
• تعزيز التنسيق بين تدخلات مختلف الفاعلين في مجال مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه وتكاملها؛
• اعتماد مؤشرات وطنية دالة على جريمة الاتجار بالبشر حسب تخصص كل متدخل؛
• إحداث آلية وطنية لإحالة ضحايا الاتجار بالبشر لضمان حماية أنجع للضحايا المفترضين.
وأكد رئيس اللجنة الوطنية، أن التقرير الوطني كشف عن حجم هذه الظاهرة ودرجة توسعها وانتشارها ببلادنا وهو ما يدعونا جميعا إلى وضع معايير نوعية ودقيقة والبحث عن الممارسات الجيدة وتجارب المكافحة الناجعة في الدول الرائدة في المجال، وطرق التعرف على الضحايا وحمايتهم وتوفير آلية إحالة وطنية لهم وتمكينهم من خدمات جميع الفاعلين وفق كل حالة على حدة، خاصة وأن الدولة ملزمة بموجب المادة الرابعة من المرسوم المحدث للجنة على توفير الحماية والرعاية الصحية والدعم النفسي والاجتماعي لفائدة ضحايا التجار بالبشر والعمل على توفير أماكن لإيوائهم بصفة مؤقتة وتقديم المساعدة القانونية اللازمة لهم، وتيسير سبل اندماجهم في الحياة الاجتماعية أو تيسير عودتهم الطوعية إلى بلدهم الأصلي أو بلد إقامتهم حسب الحالة إذا كانوا أجانب.
وفي الختام، أكد السيد وزير العدل، أن وزارته ومواكبة منها لعمل اللجنة الوطنية، تعمل جاهدة على إعداد نصوص قانونية مواكبة لتطور الجريمة وملائمتها للاتفاقيات الدولية التي صادق المغرب عليها خاصة المستجدات التي طالت مشروع قانون المسطرة.